تقرير أمني : المسيحية هدف مفضّل للجهاديين في فرنسا

تُظهر معطيات أمنية حديثة أن الاستهداف المنهجي للمسيحيين في فرنسا ما زال حاضرًا في خطاب الجماعات المتطرفة وأساليبها، مع تركيز واضح على الكنائس والكهنة والمصلّين وكل ما يرتبط برموز الديانة. هذا التوجه لا يقوم على جدل ديني بقدر ما يستند إلى استراتيجية لإشعال الانقسام الاجتماعي وتغذية التوترات حول الهوية والإيمان.

يتمثّل جوهر هذه الاستراتيجية في الدعوة إلى ضرب أماكن العبادة وتعطيل الحياة الروحية للمجتمعات المحلية، واعتبار الرموز المسيحية أهدافًا مباشرة. ويعزّز ذلك سجلّ من الهجمات التي عرفتها البلاد خلال الأعوام الماضية، من بينها قتل الأب جاك همل عام 2016 في سانت إتيان دو روفريه، وهجوم سوق عيد الميلاد في ستراسبورغ عام 2018، والاعتداء على بازيليك نيس عام 2020، إضافة إلى جريمة قتل طالت مؤمنًا عراقيًا على كرسيّ متحرك قرب ليون في سبتمبر الماضي.

في المقابل، تكشف محاولات أُحبطت خلال العقدين الأخيرين أن أجهزة الأمن الداخلي تعمل على تعطيل مشاريع استهداف منظّم للكنائس وأماكن التجمع الديني؛ من بين هذه الحالات مخطط لمهاجمة كنيسة في مدينة بيزييه عام 2021. وتدلّ هذه الوقائع على أن الخطر لا يقتصر على الهجمات المنفّذة، بل يمتد إلى سلسلة مستمرة من المحاولات التي تستهدف بنية الحياة الدينية في البلاد.

تؤكد القراءة الأمنية أن المسيحية تظل «علامة مركزية» في أجندة التنظيمات الجهادية داخل فرنسا، ما يفرض يقظة دائمة وتطويرًا للأدوات الوقائية حول الكنائس والأنشطة المجتمعية. ويشمل ذلك تحسين رصد المؤشرات المبكرة للتهديد، وتنسيقًا أقوى بين السلطات المحلية والجهات المعنية بأمن أماكن العبادة، إلى جانب رفع وعي المجتمع بماهية المخاطر دون الوقوع في خطاب يستنسخ الاستقطاب الذي تراهن عليه هذه الجماعات.

يأتي هذا التقييم في سياق أوسع يتناول أمن داخلي ومكافحة الإرهاب في فرنسا، حيث تتداخل حماية حرية المعتقد وممارسة الشعائر مع الحاجة إلى إجراءات عملية تحافظ على سلامة المصلّين والكوادر الدينية. وعلى هذا الأساس، تُطرح أولويات واضحة: تعزيز أمن الكنائس، دعم شبكات البلاغ المبكر، وتحديث الاستجابة الميدانية بما يراعي حساسية المشهد الديني وحقّ المواطنين في ممارسة حياتهم الروحية بأمان.