في الأسابيع الأخيرة، عاش المغرب على وقع موجة احتجاجات يقودها الشباب احتجاجًا على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، وتحديدًا إنفاق الدولة على البنية التحتية الرياضية المرتبطة بكأس العالم 2030 مقابل تهميش الخدمات الأساسية. رداً على هذا الحراك، أرسل الأئمة في أكثر من 53 ألف مسجد في البلاد خطب جمعة موحدة كتبتها الحكومة، ركزت على أهمية مشاركة الشباب في تدبير الشأن العام، ودعت الأسر إلى تربية أبنائهم على حب الوطن وخدمته والمساهمة الإيجابية في المجتمع.
أكد الأئمة أن المواطنة الصالحة تقاس بما يقدمه الفرد من خدمة للوطن لا بما يملكه من مال أو منصب، واستشهدوا بآيات قرآنية وأحاديث نبوية وأمثلة من تراث الصحابة في إشراك الصغار في قضايا الأمة. اعتبر كثيرون أن الخطبة رسالة ضمنية موجهة للحركات الشبابية وعلى رأسها “جيل زد 212” التي نظمت هذا الحراك عبر منصات التواصل الاجتماعي.
اعتاد الخطباء في المغرب اختيار مواضيعهم الدينية بحرية، لكن في السنوات الأخيرة اتجهت وزارات الأوقاف في المغرب وعدة دول عربية أخرى لفرض خطب موحدة تعتبرها السلطات وسيلة لمقاومة الخطاب المتطرف، بينما يرى منتقدوها أنها تخدم أجندة الدولة وتوجه السياسة الدينية.
إلى جانب الخطبة، أعلنت الحكومة عن حزمة إجراءات لدعم مشاركة الشباب في الحياة العامة شملت مشاريع قوانين لتيسير ترشيح من هم دون 35 عاماً للانتخابات العامة مع دعم مالي يغطي 75% من تكاليف الحملات الانتخابية، بالإضافة إلى استثمارات قياسية في قطاعي الصحة والتعليم وتوفير آلاف مناصب الشغل وتطوير المستشفيات والمدارس.
رغم وعود الحكومة وخطب الأئمة، أفادت تقارير حقوقية أن أكثر من 1500 شخص يتابعون قضائيا على خلفية حضورهم الاحتجاجات، وحكم على 33 منهم في أكادير بالسجن لمدد إجمالية فاقت 260 سنة. وأدى كل ذلك إلى ضعف زخم المسيرات في نهاية الأسبوع، إذ شارك العشرات فقط في وقفة الدار البيضاء الأخيرة.
ويرى الباحثون أن خطب المساجد أصبحت إحدى أدوات ممارسة السياسة والتأثير في الرأي العام، معتبرين أن الدولة تعتمد خطابا دينيا رسميا موازيا للقرارات الحكومية، وأن أي خروج عن النص قد يؤدي لعقوبات تصل إلى فصل الإمام المخالف عن العمل. ومع ذلك، يأمل بعض الشباب والفاعلين أن تكون هذه الخطب بداية فعلية لانخراط الأجيال الجديدة في الشأن العام بطرق سلمية وشفافة، بعيداً عن الإملاءات الرسمية.
المصدر : https://www.soubha.com/arabic/i/92169911/khtb-algm...