Articlophile.xyz | Agrégateur d'Actualités et Articles de Qualité

من المختبر إلى «تازوري»: سرد حيّ للثقافة الأمازيغية


Rédigé le الثلاثاء 16 ديسمبر 2025 à 10:24 | Lu 0 commentaire(s)



تركت رِيم بوجمعة المختبر لتضع خبرتها العلمية في خدمة مشروع ثقافي واضح: توثيق الثقافة الأمازيغية وروايتها للجمهور بطريقة دقيقة وقابلة للوصول. مع شريكتها الفرنسية كاميل كليمان، تدير دار النشر المستقلة «تازوري» التي تصدر أعمالًا عن تاريخ الأمازيغ في شمال إفريقيا، إلى جانب كتب للأطفال مثل «التاج ذو الألف سر» و«حصان الملك ماسينيسا». يجمع هذا المسار بين منهجية البحث الرصينة والكتابة الواضحة، بعيدًا عن اللغة الإنشائية والتعميمات.



بدأ التحوّل عندما أعادت رِيم قراءة وشوم النساء القبائليات على الوجوه والذقون والجبهة، واكتشفت أن جدتها الكبرى كانت تحمل وشمًا مشابهًا. هذه المعلومة الشخصية ولّدت حاجة معرفية ملحّة لفهم الرموز ودلالاتها. منذ 2017، واصلت عملها اليومي في شركة ناشئة، وكرّست المساء للبحث في التراث الأمازيغي، قبل أن تتحول «تازوري» لاحقًا إلى دار نشر مستقلة تُعنى بالثقافة الأمازيغية وتقدّم محتوى موثّقًا بلغة معاصرة.

الأمازيغ هم السكان الأصليون لشمال إفريقيا. يتوزعون اليوم في الجزائر والمغرب وتونس وليبيا، إضافة إلى مناطق في مصر وجزر الكناري، وامتدادات جنوبية في مالي وموريتانيا والنيجر. هذا الانتشار الجغرافي ينعكس على تنوع الرموز واللغة والعادات، ويضيف طبقات محلية إلى السرد التاريخي في كل منطقة. إبراز هذا التنوع يظل أساسيًا في أي كتابة مسؤولة عن الثقافة الأمازيغية.

اختارت «تازوري» التركيز على «التاريخ القديم» حتى القرن السادس عشر، في محاولة واعية لتجنب اختزال تاريخ شمال إفريقيا في حقبة الاستعمار وحدها. هذا الخيار يعيد قراءة الفترات المبكرة التي يقل حضورها في الوعي العام، ويعرضها بلغة دقيقة توازن بين الدليل والبساطة، بحيث تكون المادة قابلة للفهم من القرّاء غير المتخصصين من دون التضحية بالصرامة.

تظل دراسة تاريخ الأمازيغ تحديًا بسبب غلبة التقليد الشفهي وندرة المصادر المكتوبة القديمة. لذلك تعمل «تازوري» على جمع الشواهد المتفرقة، ومقارنتها، وبناء سرد تاريخي مركّب لا يدّعي الاكتمال، بل يسعى لفتح أبواب جديدة للمعرفة. هذا النهج يحافظ على النزاهة العلمية وفي الوقت نفسه يقدّم محتوى يمكن للقارئ متابعته بسهولة.

على مستوى النشر، تحافظ «تازوري» على اتساق لغوي وبصري: صور توثيقية حساسة للموضوع، نصوص قصيرة محكمة، ومراجع واضحة حين تتوفر. الابتعاد عن الاستشراقية والرومنة جزء من السياسة التحريرية، كما أن الأعمال الموجهة للأطفال تُكتب بإيقاع سردي بسيط ومفردات معاصرة، ليكون استقبالها طبيعيًا لقرّاء اليوم مع الحفاظ على الدقة التاريخية.

تقدّم رِيم بوجمعة وكاميل كليمان نموذجًا لانتقال معرفي من المختبر إلى النشر الثقافي من دون قطيعة مع المنهج العلمي: سؤال محدد، فرضيات قابلة للفحص، بحث في المصادر، ثم كتابة دقيقة. في سياق يتسم بندرة الوثائق، يصبح الجمع بين الصرامة والانفتاح شرطًا لاستعادة تاريخ الأمازيغ وتقديمه للجمهور في شمال إفريقيا وخارجها، مع إبراز عناصر محورية مثل تراث الوشم لدى النساء القبائليات وشخصيات تاريخية كملك نوميديا ماسينيسا.




المصدر : https://aljinane.articlophile.com/blog/i/93223559/...



Rss
Mobile