ملالا يوسفزي، أصغر حاصلة على جائزة نوبل للسلام، تعود لتروي رحلتها مع التعليم ومواجهة طالبان، وتفاصيل بناء هوية شخصية بعيدًا عن صورة “الناشطة الأسطورية”. نُشرت في صحيفة لو موند خلال مرورها السريع بباريس.
تبدأ الحكاية من وادي سوات في شمال باكستان عام 2007، حين سيطر طالبان على المدينة: تفجيرات، إعدامات، حظر للترفيه، وتهديد مباشر لحق البنات في الذهاب إلى المدرسة. تقول مالالا إن الخوف الحقيقي لم يكن من رصاص المتطرفين، بل من الحياة التي تنتظر فتاة تُحرم من التعليم: زواج مبكر، عزلة قاسية، وأحلام تُطفأ قبل أن تبدأ. عندها قررت، وهي في الحادية عشرة، أن تكتب يومياتها على مدونة لبي بي سي وأن تتكلم باسم البنات جميعًا.
عادت مالالا إلى المدرسة بعد عملية عسكرية أعادت مؤقتًا الاستقرار، لكن في 2012 اقتحم مسلّح حافلة الطالبات وسأل بصوت واحد: “من هي مالالا؟”، ثم أطلق الرصاصة مباشرة نحو رأسها. استيقظت في بريطانيا، خضعت لعمليات طويلة، وتعلّمت من جديد المشي والكلام. في سنوات قليلة، تحوّلت قصتها إلى رمز عالمي، وتوالت الدعوات والجوائز حتى نالت نوبل للسلام وهي في السابعة عشرة.
لكن خلف الأضواء كانت هناك معركة أخرى: كيف تبني فتاة هويتها الشخصية وهي محمولة على صورة بطولية واحدة؟ في المدرسة في إنجلترا كانت “الغريبة التي ظهرت على التلفاز”، ويقف الألم الجسدي شاهدًا؛ إصابة في الأذن وارتخاء عصبي ترك نصف الوجه مشلولًا. لاحقًا، وهي تدرس في أكسفورد، عاشت صداقة حقيقية وحبًا صادقًا، وجربت ما يعنيه القلق واضطراب ما بعد الصدمة، لتعيد تعريف الشجاعة: أن تستمر في الفعل رغم الخوف، لا من دونه.
الالتزام بالقضية لم يتوقف؛ أسست “صندوق مالالا” لتعليم البنات، موّلت مدارس بينها مدرسة في شانغلا تستقبل اليوم مئات الطالبات، وظلت تُحرّك ملف تعليم البنات عالميًا، من أفغانستان إلى مناطق أخرى. وفي حياتها الخاصة اختارت علاقة تقوم على الاحترام والثقة، مع حذر واضح من مؤسسة الزواج كما تُمارس اجتماعيًا في بيئات تُقيّد المرأة حتى وهي متعلّمة.
مالالا اليوم، 28 عامًا، خريجة أكسفورد ومقيمة في بريطانيا، تصدر كتابها الجديد “العثور على صوتي”؛ نص شخصي يعترف بكلفة أن تصبح أيقونة في سن مبكرة، وبصعوبة الخروج من قوالب جاهزة نحو هوية تُصاغ بوعي وتجربة. يبقى المحور ثابتًا: تعليم البنات حق غير قابل للتفاوض، والعدالة في فرص التعلم شرط لكرامة الإنسان ومستقبله. كلماتها تمضي بلا زينة: الشجاعة ليست نقيض الخوف، بل فعله.
المصدر : https://www.soubha.com/arabic/i/93224034/mlala-yos...


