أصدر وزير الداخلية الإيطالي قراراً بطرد الإمام المصري محمد شاهين، إمام مسجد عمر بن الخطاب في حي سان سالفارو بمدينة تورينو، على خلفية تصريحات أدلى بها خلال مظاهرات مؤيدة لفلسطين اعتُبرت من قبل السلطات دعماً لهجوم حركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر. يستند القرار إلى مبررات أمنية ويرتبط بدور الإمام في تحركات احتجاجية شهدتها المدينة خلال الأسابيع التي تلت اندلاع الحرب في غزة، حيث كان شاهين في الصفوف الأمامية لمسيرات رفعت شعارات سياسية حادة وأدت في بعض الحالات إلى توترات ميدانية.
شاهين، المقيم في إيطاليا منذ أكثر من عقدين، وجد نفسه في قلب عاصفة سياسية وإعلامية بعد جملته التي وصف فيها السابع من أكتوبر باعتباره رد فعل على سنوات من الاحتلال، وهي صياغة قرأتها السلطات على أنها تبرير للعنف أكثر مما هي تحليل سياسي للسياق التاريخي للصراع. إثر ذلك، تم اقتياده إلى مقر الشرطة حيث قدّم طلباً للحصول على اللجوء السياسي في محاولة لتعليق تنفيذ قرار الطرد، قبل نقله إلى مركز احتجاز إداري مخصص للأجانب المقرر ترحيلهم، في خطوة قد تنتهي بإبعاده إلى مصر إذا لم تُقبل طلباته القانونية.
تعكس القضية تشابك عدة مستويات في النقاش الدائر داخل إيطاليا وأوروبا عموماً: موقع الأئمة في الفضاء العام، حدود حرية الخطاب السياسي حين يتقاطع مع ملفات حساسة مثل فلسطين وإسرائيل، وكيفية تعريف التحريض أو دعم الإرهاب في خطاب يحمل بعداً دينياً وسياسياً في آن واحد. كما تثير تساؤلات حول قدرة المؤسسات على التفريق بين التعبير عن موقف سياسي متشدد وبين التحريض الفعلي على العنف، وحول تأثير المناخ السياسي والإعلامي على قرارات الطرد والإبعاد التي تطال شخصيات مرتبطة بقضايا دولية مثيرة للانقسام.
في الوقت نفسه، تتعامل الجالية المسلمة في تورينو مع تبعات هذه القضية على صورتها العامة وعلى علاقتها بالمؤسسات الرسمية، إذ يخشى بعض أفرادها من أن يصبح أي تعبير قوي عن التضامن مع الفلسطينيين عرضة للتأويل الأمني، فيما يرى آخرون أن ضبط الخطاب العلني وتجنّب العبارات القابلة للتأويل بات ضرورة لتفادي ربط المساجد والجمعيات بالدعم المزعوم للعنف. بين هذين المنظورين، تتحول قضية الإمام محمد شاهين إلى مثال محدد على التوازن الصعب بين حماية الأمن، وصون الحريات، وإدارة النقاش حول قضايا خارجية تنعكس مباشرة على الداخل الأوروبي.
المصدر : https://www.soubha.com/arabic/i/92835044/trd-amam-...


