الهندوسية: ثالث أكبر ديانة ومعناها في الهند


Rédigé le الأحد 14 دجنبر 2025 à 23:35 | Lu 1 commentaire(s)



تنحدر الهندوسية من وادي الغانج وتضم اليوم أكثر من مليار مؤمن، ما يجعلها ثالث أكبر ديانة في العالم بعد المسيحية والإسلام. ترتبط هذه الديانة ارتباطًا وثيقًا بالهند حيث يعتنقها أغلب السكان، كما تمتد حضورًا في الشتات الهندي وفي مناطق تأثرت تاريخيًا بالثقافة الهندية مثل جزيرة بالي الإندونيسية.



ترتكز الرؤية الكونية في الهندوسية، وفق موقع هبرودوت المتخصص، على مبدأ براهمان، الحقيقة المطلقة والجوهر الكلي الذي تتبدّى منه الآلهة. وتُصاغ ملامح العبادة حول تريمورتي: براهما الخالق، شيفا المحوِّل/المُدمِّر، وفيشنو الحافظ للنظام الكوني. هذه البنية اللاهوتية تُفهم ضمن فكرة الدارما، أي القانون الأخلاقي والواجبات التي تنظّم حياة الفرد والمجتمع، وتقود مع مفهوم الكارما إلى دورة الولادة والموت والتناسخ حتى بلوغ التحرر (الموكشا) والاتحاد بالحقيقة العليا.

لا تقتصر سُبل الخلاص الروحي على الزهد والنسك، إذ يفتح مسلك البهاكتي — التعبّد القلبي لإله بعينه — بابًا واسعًا للترقي الروحي. وتختلف التفاصيل العقائدية والممارسات بين المدارس والتيارات، لذا تُنسَب بعض الآراء إلى تقاليد بعينها؛ فمثلًا تُسجَّل في بعض النصوص والتفاسير قراءات تجعل الطريق إلى الموكشا متفاوتًا بين الرجال والنساء، فيما تؤكد تيارات أخرى إمكان التحرر للجميع وفق الاستقامة والعبادة.

اجتماعيًا، صاغت الهندوسية عبر قرون منظومة الطبقات (فارنا) التي تُميّز بين البراهمة (رجال الدين والمعرفة)، الكشاتريا (المحاربين والحكم)، الفيشيا (التجار والمزارعين)، والشودرا (الخدمة). وإلى جانبها شبكة واسعة من الجماعات المهنية والمحلية (جات)، يتوارث الفرد الانتماء إليها بالميلاد. ورغم التحديث والإصلاحات القانونية في الهند المعاصرة، لا تزال هذه البنى تُلقي بظلالها على الواقع الاجتماعي بدرجات متفاوتة بين الأقاليم.

خارج هذا السُّلّم الطبقي التقليدي يظهر من عُرفوا تاريخيًا بـ”المنبوذين“ أو ”الداليت“، وهم الذين أُسندت إليهم مهن وُصِفت بالنجاسة الاجتماعية مثل جمع النفايات. وقد شهدت الهند تحولات مدنية وسياسية لنقض هذا الإرث، مع تصاعد الحركات الحقوقية وتبني الدولة سياسات تمييز إيجابي لتحسين التعليم والعمل والتمثيل، غير أن تحديات الوصم واللامساواة لا تزال حاضرة في بعض السياقات.

من منظور ثقافي، تُشكّل الهندوسية رافدًا أدبيًا وفلسفيًا هائلًا: من الأوبنشاد والڤيدا إلى المهابهاراتا والرامايانا، ومن مدارس اليوغا إلى مسارات التعبّد. وتُسهم هذه التقاليد في تشكيل هوية الهند الحديثة كما تُعرّف الملايين حول العالم على مفاهيم مثل الدارما والكارما والتناسخ والبهاكتي والموكشا وبراهمان وبراهما وشيفا وفيشنو، وهي مفاتيح لفهم ديانة تتسع للتعدد وتتجدد داخلها القراءات والممارسات.




المصدر : https://www.soubha.com/arabic/i/93174477/alhndosy-...


Dans la même rubrique :