Articlophile.xyz | Agrégateur d'Actualités et Articles de Qualité

اكتشاف جدارية لآنخيل ثارّاغا في كنيسة بالمحمدية


Rédigé le الثلاثاء 9 ديسمبر 2025 à 14:05 | Lu 2 commentaire(s)



كشف دبلوماسي وباحث مكسيكي عن جدارية منسية للفنان أنخيل ثارّاغا داخل كنيسة سانتياغو الكاثوليكية في مدينة المحمدية، لتفتح الباب أمام فصل مجهول من تاريخ الفن الجداري المكسيكي في المغرب وشمال أفريقيا، وتعيد إحياء صلة ثقافية بين المغرب والمكسيك كانت غائبة عن السرد السائد.



بدأ الخيط عام 2015 عندما لفت خوسيه لويس مارتينيث إي هرنانديز انتباه أوردونييث إلى مزاد إلكتروني يُعرض فيه على أنه “اسكتش” لجدارية منسوبة لثارّاغا في المغرب. منذ ذلك الحين، راح السفير يمشّط الطريق بين الرباط والدار البيضاء بحثاً عن العمل. قاده التقصّي إلى كنيسة سانتياغو بالمحمدية، بعد التنبه إلى أن اسم المدينة التاريخي هو “فضالة”، قبل تغييره سنة 1960 تكريماً للملك محمد الخامس. كاهن الرعية الأب جوليان لم يكن مدركاً لقيمة اللوحة، لكنه أتاح الوصول إليها.

الجدارية، المثبتة على جدار واجهة معمودية الكنيسة، بقياس يقارب 2.35 م طولاً و1.90 م ارتفاعاً، تبدو كقماش مُنفّذ في باريس ثم نُقل إلى المغرب ملفوفاً؛ إذ لا قرائن على أن ثارّاغا زار شمال أفريقيا. في التكوين عمودياً، يظهر القديس يعقوب (سان يعقوب) في الوسط مرتدياً لباس الحج، حاملاً جثمان جندي فرنسي شاب يُدعى جاك، تعلو رأسه هالة على الرغم من أن التقاليد الكاثوليكية لا تُقدّس غير المعلنين قديسين. على اليسار، تتجاور هيئات نصف عارية للقديس بطرس والأخوين يعقوب ويوحنا، أوائل تلاميذ المسيح. هذه الجرأة الأيقونوغرافية، كما يصفها أوردونييث، تضع العمل على حافة “الهرطقة” بمعايير زمنه، وتعكس انخراط ثارّاغا في تيارات تحديث الفن الديني.

تفاصيل التاريخ المحلي تصبّ في المعنى التذكاري للجدارية: شُيّدت الكنيسة بين 1933 و1934 على يد المعمارييْن ألكسندر وبيير فورنييه، بتكليف من الأخوين جورج وجان باتيست هرسنت، وهما من أبرز فاعلي الاقتصاد في فضالة زمن الحماية الفرنسية. تشير الأبحاث إلى أن جاك إيلديفير هرسنت، ابن جان باتيست وابن شقيق جورج، توفي في الحرب العالمية الأولى بعمر 24 عاماً؛ فخلّدته العائلة ببناء كنيسة ومدرسة، وجاءت الجدارية لتتوج الذاكرة بالفن.

الوثائق المعمارية التي جمعها أوردونييث توحي بأن ثمة ثلاث لوحات إضافية لثارّاغا كانت مُبرمجة للمساحة نفسها. السؤال المفتوح اليوم: هل رُسمت ثم دُمّرت؟ أم لم تُنجَز قط؟ أم أنها موجودة ومدفونة تحت طبقات من الجص؟ هذه الفرضيات ترفع من قيمة الاكتشاف، وتستدعي بحثاً تقنياً دقيقاً داخل كنيسة سانتياغو بالمحمدية.

على الصعيد المؤسسي، تواصل أوردونييث مع المعهد الوطني للفنون الجميلة في المكسيك (INBA) محركاً مسار ترميم محتمل. ورغم اعتراف وزارة الثقافة هناك بحاجات واضحة للعمل — مثل خسائر في طبقة اللون واهتراء بالمحيط السفلي وتراكم كثيف للغبار — فإن الاستجابة بقيت مشروطة بطلبات توثيق إضافي وبالعجز عن إرسال فريق لتقييم موقعي بسبب محدودية الموارد. في المقابل، عبّر سفير المغرب في المكسيك عبد الفتاح اللبار عن استعداد للتعاون الثنائي، على أن تبادر الجهات الثقافية المكسيكية إلى طرح مشروع مشترك لإنقاذ الجدارية.

يمنح عام 2026 فرصة زمنية عملية، إذ يصادف الذكرى الـ140 لميلاد ثارّاغا والـ80 لرحيله، مع مخطط عائلي لتنظيم معرض بالتعاون مع المتحف الوطني للفنون في المكسيك. ربط مبادرة الترميم بهذه المحطة قد يوفّر إطاراً تمويلياً وتعاونياً فعالاً بين الرباط والمكسيك، ويضيف صفحة نوعية إلى ملف حفظ التراث الفني في المغرب.

فرادة هذا الاكتشاف لا تنفصل عن موقع ثارّاغا داخل مشهد الفن الجداري المكسيكي. بحسب أوردونييث، أُقصي الفنان طويلاً لأسباب أيديولوجية أكثر منها فنية، لعدم انسجامه مع سردية القومية الثورية بعد فاسكونسيلوس، ولعدم تنكره لكاثوليكيته أو تبنيه نزعة هسبانوفوبية. إعادة إدماجه اليوم توسّع طيف “المدرسة الجداريّة” المكسيكية وتمنح تصوراً أعمق لثقافة بلد ظلّت فيه الديانة الكاثوليكية عنصراً مركزياً في الحياة الثقافية.

ولعل الطرافة أن بيكاسو، حين سأله أوكتافيو باث ورودولفو أوسيغلي عن الفنانين المكسيكيين، لم يتذكر سوى “صديقه الرسام” أنخيل ثارّاغا، واصفاً إياه بالذكاء والرقي والثقافة؛ فأجاب باث رفيقه الغاضب: “غير المفهوم ليس أن بيكاسو لم يذكر سواه، بل أننا — نحن المكسيكيين — نسيناه.” اكتشاف جدارية المحمدية يعيد هذا الاسم إلى الواجهة، من المغرب هذه المرة.





المصدر : https://www.soubha.com/arabic/i/93099240/aktshaf-g...



Rss
Mobile