إيلون ماسك : الذكاء الاصطناعي في الفضاء حتمي وأكثر كفاءة من الأرض

يرى إيلون ماسك أن تطور الحضارة البشرية سيقود حتماً إلى انتشار أنظمة ذكاء اصطناعي في الفضاء الخارجي، معتبراً أن استمرار التقدم التقني سيجعل هذا الخيار ليس مجرد احتمال نظري بل ضرورة عملية. يربط ماسك بين هذا التصور وبين فكرة الحضارة المتقدمة على مقياس كارداشيف، حيث يعتمد المجتمع على استغلال جزء مهم من طاقة نجمه لتمكين منظوماته التقنية. في هذا السياق تصبح الأقمار الاصطناعية المزودة بقدرات ذكاء اصطناعي والمتغذية بالطاقة الشمسية في الفضاء السحيق جزءاً عضوياً من مستقبل البشرية التكنولوجي.

يعتقد ماسك أن الجدوى الاقتصادية للذكاء الاصطناعي في الفضاء ستكون أعلى من نظيراتها على الأرض، إذ إن تكلفة إنتاج الكهرباء في المدار يمكن أن تكون أقل بكثير بسبب توافر الإشعاع الشمسي بشكل مستمر دون انقطاع ليلي أو تقلبات مناخية. لا تحتاج هذه المنظومات إلى بطاريات ضخمة لتخزين الطاقة، لأن الشمس حاضرة دائماً في الفضاء، وهو ما يبسط البنية التقنية ويخفض التكاليف التشغيلية مقارنة بمحطات الطاقة الأرضية. إضافة إلى ذلك، يمكن تصنيع الألواح الشمسية الفضائية بطريقة أخف وأرخص لأنها لا تتطلب زجاجاً واقياً أو هياكل داعمة ثقيلة تتحمل الظروف الجوية.

يؤكد ماسك أيضاً أن مسألة التبريد في الفضاء تحل عبر الإشعاع الحراري المباشر إلى الفراغ، من دون الحاجة إلى أنظمة تبريد معقدة تعتمد على السوائل أو الهواء كما هو الحال في مراكز البيانات الأرضية. هذا العامل يمنح أنظمة الحوسبة والذكاء الاصطناعي أفضلية مهمة، إذ يمكن تشغيلها في درجات حرارة مضبوطة مع تقليل استهلاك الطاقة المخصصة للتبريد. من وجهة نظره، فإن الجمع بين توفر الطاقة الشمسية المستمرة وتبسيط متطلبات التبريد سيجعل نشر حواسيب وعتاد ذكاء اصطناعي في المدار خطوة منطقية لكل من يسعى إلى تعظيم الكفاءة والربحية في هذا القطاع.

يمتد طرح ماسك إلى بعد حضاري وفلسفي أوسع، حيث يُصوِّر الذكاء الاصطناعي الفضائي كمرحلة من مراحل خروج الحضارة البشرية من حدود الكوكب الواحد نحو فضاء أرحب. فكلما تمكنت البشرية من استخدام موارد الشمس والفضاء بطريقة أذكى، اقتربت من نموذج الحضارة المتقدمة التي لا تظل رهينة لسطح الأرض وقيود بيئته. في هذا الإطار، يصبح الاستثمار في بنى تحتية رقمية وطاقية في الفضاء ليس فقط خياراً تجارياً، بل خطوة استراتيجية على طريق تحويل الإنسان إلى حضارة كونية تمتلك أدوات ذكاء اصطناعي تعمل خارج حدود الجاذبية الأرضية.